الثلاثاء، 15 يوليو 2008

هـل نحـن في طريقنـا إلـى التخلـي عن القـدس؟؟؟

مسافة اهتمام ضوئية تفصل بين القضية الأم والقضايا الهامشية أو التي يجدر بنا أن نسميها هامشية
حين نضعها في مقارنة مع القضية الأم، فغيوم الأزمات تحلق بكثافة في سماء فلسطين فتتجه
الأبصار متصلبة تجاه السماء التي تمطر الصواريخ والألم والدمار، وعلى الأرض تحت الأقدام
مخططات حفرية تدميرية تسير على قدم وساق..ومطرقة القوانين التهويدية تضرب في حنايا القدس
دون رادع يذكر، وكما يقال " المال السائب يعلم الناس السرقة "، فالقدس التي تحتل المساحة الأكبر
في هتافات ساستنا وأحلامهم الوردية وجدران عروشهم السياسية لا تحتل المكان والمساحة نفسها
من الاهتمام والأولوية، فقضية بحجم شعب وتاريخ ليست إلا مجرد دائرة في مكتب الرئاسة، أما
عن القوانين التي تسنها سلطات الاحتلال في القدس فحدث ولا حرج، وكلها دون استثناء تشكل قفلا
جديدا برقم سري على أفواه وأنفاس المقدسيين المهددين بفقد فلسطينيتهم، فهم الآن بين خيارين
أحلاهما مرّ، إما الهجرة دون الاحتفاظ بمفاتيح العودة، أو التخلي عن هوية طالما تحملوا الآلام
والمضايقات والاستفزازات للاحتفاظ بها، ليكون البديل بهذا الخيار اللهث وراء الجنسية الإسرائيلية
التي تمنحهم إمكانية البقاء في مدينتهم بهوية وملامح لا تشبههم.

وأما المجتمع الدولي فألف مسمار قد دقّ في نعشه، وهو يقف عاجزا عن تحريك ساكن بقضايا
كثيرة وعلى رأسها القدس، والموقف العربي ليس بأفضل حالا، فهو كالضرير الذي يخفي انطفاء
عينيه بنظارة سوداء تبرر تعثره وتخبطه بالمارة بحجة فقدان البصر، والشعب الفلسطيني بين هذا
وذاك " مضروب على رأسه " لا يلبث أن يصحو من ضربة حتى توجه له ضربة أخرى،
وينحصر حلمه في الشفاء من الضربة الأخيرة.

وقد جاءت التهدئة الأخيرة الآن كمتسع من الترقب والعدّ التنازلي لضربة أخرى لا يعرف مدى
عنفها ووحشيتها، أما حقوق الإنسان والشعارات الرنانة والوعود عنقودية الوهم فهي ليست إلا
دغدغة للمشاعر واغتيال للوقت والحقائق، فهي ليست إلا محاولات جادة لصرف النظر عن أيد
تمعن في تدمير مدينة وهوية تعاقبت أشرس الحضارات عليها لتدميرها، لكن باءت محاولاتها
بالفشل، فقد اندثرت لتترك فتات جبروتها غبارا على قباب القدس وأرصفتها، وبقيت القدس بقدرها
المليء بالأحزان والماسي والآلام، وبقي لأهالي القدس النصيب الأكبر من المعاناة والمصير
المجهول المرتقب، فالمستوطنات تستفحل بسرعة غير معهودة كالعواصف المدمرة التي تهدم وتهدم
لتحل كوارث المستوطنات مكانها، والتهويد بات واقعا منتظرا لا مجرد تهديد يجري العمل على
تنفيذه ببطء وسرية، فمن سيمنع تلك الدولة الشرهة ومن سيقف أمام شهيتها الهوجاء.

أما أسرى القدس فأصناف التعذيب تتعدد لتبلغ أربعة وعشرين صنفا بدنيا، وخمسة وعشرين صنفا
نفسيا حسب ما ورد في كتاب " لا للحل العنصري في فلسطين" للكاتب والمفكر أحمد الدجاني.
فهل ما زال هناك متسع للحديث عن قدس فلسطينية وقبلة إسلامية وأحلام وردية؟؟؟، وهل من
رهان أكثر على مقدسيين منهكين من استفحال الاستيطان والحفريات وهدم البيوت وقوانين التجريد
من الهوية؟؟؟ والى متى سيحتملون أكثر من طاقاتهم؟ ومن الذي سيلومهم إذا وقعوا أرضا...


بريشة الحسنـــــاء

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

حسناء...
أكره الحديث عن السياسة وفيها....لكن أختصر بجملة لخصت واقعنا منذ عام 1967:

كل شي معد لنا سلفاً فلماذا تطيل التفاوض يا ملك الاحتضار