الاثنين، 5 مايو 2008

أن تكون غريباً




عدت أرسم للأشياء ملامح أخرى ، وأعطي للمفاهيم معان كانت مغيبة.....
وحدث الإنقلاب في ذاتٍ على حياةٍ بلا رسالة تُؤدى أو عقيدةٍ تنتفض النفس بروحها.....
وبدأ الصراع بين القديم البالي وبين الجديد المنتفض ، بين جواذب الأرض والطين وبين التطلع نحو الصعود إلى السماء.. عندها تحس بأنك غريب تتخطفك الأيام تبحث عن جدارٍ تسند إليه ظهرك في ظل هذا التموج و الإضطراب.


عندما تشعر بوخز الأشواك يُدمي قدميك وأنت تسيرُ حافياً هناك بعيداً في وطنٍ غريب ، فتشعر بألمِ نبيك الأعظم (ص) يوم سار وحيداً هناك في ربوع مكة والطائف.... فلا تساوم

وعندما يتم اختيارك لتودع وحيداً تعتصرك زنازينُ الظلم والحقد والخيانة.... فتحس بغربةِ الصِديق يوسف (ع) في غيابة الجب يوم غدرهُ الإخوة الأقربون.... فلا تساوم

وعندما تسير في ركب المستضعفين من أمثال عمار وسمية وأبي ذر وتُلقى على الرمضاء وصرخات بلال تسري في مسمعك : أحد أحد أحد.... فلاتساوم

وعندما يتوالى مرور السكارى على جثثِ الشهداءِ متجاهلين دمهم الثائر في جنبات الوطن السليب وتبقى وحدك الأوفى..... فلا تساوم

عندما يدفعك الواجب المقدسُ إلى الإنحناء بجسدك لتتلقى الضربات عمن تحب ، فيما غيرك يهيم على وجههِ لاهثاً خلف السراب........

عندما يتهافت الكثيرون ، وتركع الدهماءُ من شديد الذل والهوان ، ويتعالى السلطان بكل سطوته فلا يجدُ جبلاً يُوقف مد سيله ، وعندما.....وعندما......وعندما..........

ثم تنظرُ هناك بعيداً في الأفق وقريباً في وجدانك فتجد أناسَ يشذون عن هذا العموم ، أحرار ينشُدون العزة والكرامة ،

عِشقُ الحق خليقةٌ فُطروا عليها ، لا يموتون إلا كما يريدون لا يضرهم كيد المخالفين ، يكرهون السماسرة وباعة التاريخ........... غرباء

هذا في حياتهم....، وبعد ذهابهم ينغرسون ويتجذرون في تربة الوطن الذي أحبهم أحبوه..... ثم تنمو غراسهم الوفية صاعدة نحو السماء لتغدوا مناراتٍ يهتدي بها التائهون وكل الحيارى ، وتردد الأغاق صدى أصواتهم : لا تعبأ بالسكارى يا وطني... لا تكترث بمن امتلات عيناه بغبار منتصف الطريق فاختلطت لديه الأمور والأولويات.... لا تلتفت للدخيل يا وطني.... وبشر " بوعد الآخرة ِ".... فلن تطول الغربة..... واللص يا قدسي جبان.....


يوسف كاظم